تنظيم الفعاليات 101

لا يخفى على أحد مدى إنتشار صناعة الفعاليات في السعودية، وبما إني في هذا المجال منذ عام ٢٠١٢ فقد مررت بالكثير من الأخطاء وكذلك بالكثير من الأمور الرائعة التي أفادتني وارجو أن تكون مفيدة لغيري.

الأسهم الجديدة!

صناعة الفعاليات خلال آخر ربع من ٢٠١٦ ولعامنا الجديد تلاقي إقبال عظيم، فهي حالياً تعتبر الأسهم الجديدة أو الإستثمار السريع. وكما هو معروف فإننا شعب نهوى الـ Trends ولكل فترة نتوجه لظاهرة جديدة حتى تكون عادية.

الحابل بالنابل

قبل عدة أسابيع سمعت قصصاً كثيرة وشهدت بعضها، عن غرباء الصناعة. يمشون بلا هدى ودليلهم لخطواتهم هو صدى. سمعوا أن فلاناً أقام فعالية وحصل على الكثير من الرعايات، وفلانة نظمت فعالية كانت أرباح التذاكر فيها ليوم واحدة أكثر من خمسين ألفاً. وسمعوا أن الشركةشيءأقامت فعالية وسلمت المنظم مبلغ وقدره بعد مناقصة حادة بين الشركات المحلية.

مالذي ينقصنا نحن كي نقيم حدثاً مماثلاً؟ مادام سيعود علينا بالنفع! وهنا تحصل الفوضى.

الإحتكار

قبل أن نتعمق أكثر في موضوع الفعاليات وتنظيمها، لابد لي أن أخبركم عن شبيحة هذه الصناعة (الهوامير)، حيث هم من الكبرماشاءاللهيبقون سمعتهم low profile للعامة، وأتوقع أن ذلك تفادياً لهجوم الرأي العام لو علموا بالأرقام وبمدى تحكمهم بالسوق.

أنواع الفعاليات

وهنا صنفتها بحسب خبرتي

غالباً تصنف الفعاليات بحجم الحضور:

  • رشيقة أقل من ٥٠ حاضر

مثال: لقاءات نادي الكتابة، الصالونات الأدبية، توستماسترز،،،

  • صغيرة  أقل من ٣٠٠ حاضر

مثال: بيتشاكوتشا، قيلة، لمة راوند، تدشين مشروع (حفل إطلاق)،،،

  • متوسطة ٣٠٠٧٠٠ حاضر

مثال: هاكثون مسك، كمل، ستارت اب ويكند، معرض فني ،،،

  • كبيرة ٧٠٠٣٠٠٠ حاضر

مثال: تيدكس، عوالمنا، معك، آرتولوجي،،،

  • ضخمة أكثر من ٣٠٠٠ حاضر

الجنادرية، كنا كذا، معرض الكتاب، كوميك كون،  طلعة وطنية،،،

من ناحية نوع المحتوى فتصنيفها متنوع ومتفرع وكثيراً ماتكون الفعالية تجمع نوعين أو أكثر مثلاً فعالية فنية، ثقافية. على حسب الفئة المستهدفة إن كانوا مهتمين بالفن، أو عوائل، أو أطفال.

والفعاليات قد تعتمد على المتحدثين مثل تيدكس، وبيتشاكوتشا وعوالمنا بشكل أساسي، وقد تعتمد فقط على تفاعل الجمهور مثل فعالية أتخيل. أو تجمع بين الاثنين. وغالباً ما يعمل المنظمون أن يتفاعل الجمهور ليخوضوا تجربة لاينسوها.

أما من حيث التتابع، قد تكون اسبوعية (مثل لقاء الخميس) ، شهرية (لقاء بي ستديو) ، ربع سنوية ، سنوية ( تيدكس) ، أو مرة كل سنتين (كمل).

وتختلف كذلك بمدتها، فقد تكون عدة ساعات، يوم، أو أيام، وأحياناً شهر كامل.

حاولت البحث أكثر عن تصنيف الفعاليات من ناحية عالمية، ولم  أجد تصنيف محدد.

المحتوى، المحتوى، المحتوى

لتنظم فعالية تستحق الإشادة، عليك أولاً باحترام عقل الفئة المستهدفة خلال العمل على المحتوى.

المحتوى بإختصار هو مايتلقاه الشخص، سواء كان حديث، تجربة، مجرى أحداث معينة، عرض،،،الخ

وقع الكثير في أخطاء تضر سمعة فعاليتهم وكان بإمكانهم تجنبها بحلول مبتكرة. مؤخراً الكثير يضع رسوم دخول (غير رمزية) وحين دخول الحضور يكتشفوا بأن كل ماهو موجود ليس مجانياً وعليهم الدفع فلو كان الدخول ١٠٠ ريال  والقيمة المضافة فقط مشاهدة البوثات وعربات الطعام بدون تجربتها، فالمنظم سيجابه غضب من الحضور والتعرض للعديد من الشكاوى. إن لم يكن هناك محتوى قيّم لهذه الـ١٠٠ ريال فعليك بإعادة الحسابات في سعر تذاكر الدخول أو إضافة قيّمة محددة، فمثلاً عروض مسرحية ومشروبات مجانية وألعاب متاحة بدون الدفع.

المحتوى + تجربة الحاضر+ نسبة من التكلفة = سعر منطقي للتذكرة (بالتالي حاضر راضي)

المحتوى + تجربة الحاضر + التكلفة الكلية للفعالية =  تذكرة غالية ( بالتالي حاضر ساخط)

الحاضر لن يهتم بتكاليف الفعالية وليست من شأنه. هو حضر لغرض معين على المنظم توفيته.

لو كان محتوى الفعالية يعتمد على المتحدثين إذن هذه بعض النقاط التي تساعدك في التحكم بإنتاج محتوى أفضل:

  • الإنتقائية حين اختيار المتحدثين. شخصياً على الرغم من إني في بيتشاكوتشا أمضي أسابيع فقط في البحث واختيار المتحدثين، فلا زال المحتوى لم يرتقي لبعض الجمهور ويطالبوا بانتقائية أكبر. حدد المعايير، إنجازات معينة، تجربة مميزة لدى المتحدث، أن يكون مستعد للتدريب حتى وإن كان متحدث متمرس، ولتكن شعبية المتحدث وجماهيرتيه آخر نقطة كي لاتضر محتوى فعاليتك.
  • وضع إرشادات ودليل للمتحدثين. فذلك سيساعدهم في ترتيب عرضهم، وتماشيه مع بقية المتحدثين.
  • موعد نهائي لتسليم عرض المتحدث. يُفضل تحديد التاريخ قبل الموعد النهائي الحقيقي، بالعادة لايتلزم المتحدثون بالتسليم. وفي إحصائية من كيسيهي فعلاً من تجربتيالمتحدثات دائماً يسلموا عروضهم في الوقت المحدد بخلاف المتحدثين، فقد يسلم عرضه قبل وقت حديثه ب١٠ دقائق وهنا تحدث الدراما خلف المسرح.
  • التوقيت مهم، والأهم إدراته بشكل صارم. يبدو مستحيلاً ذلك في بلداً عربي، ولكن حاول قدر المستطاع تفادي التأخر.
  • مراقبة الجودة  :control quality QC : عمل أكثر من بروفة. تدريب واحد لايكفي. البروفة ليست فقط تدريب، ولكن هي أيضاً لمراجعة محتوى المتحدث وتحسينه إن أمكن.
  • حدد لقاء تعارفي بين الفريق والمتحدثين. فذلك من شأنه تعزيز تعاونكم خلال وقت الحدث وتفاهمكم.

وليكون محتوى فعاليتك أفضل، اجعل الحضور يتفاعل، صمم وابني لهم تجربة مميزة.

  • افهم الفئة المستهدفة (الحضور)، ابحث عن مايهمهم ويجذبهم. ادرس الكثير عن تصرفاتهم، وأسأل من حولك. كوّن مجموعة تركيز Focus group لتكون الأفكار والصورة العامة لمحتوى فعاليتك.
  • اختبر أفكارك ولو على نطاق صغير، حيث تتفادى أي أخطاء تنظيمية.
  • واكب مايحدث عالمياً، كن على إطلاع.
  • السفر مفيد كثيراً، وخوض التجارب الجديدة لا يساعدك فقط على نطاق شخصي، بل يساعدك أكثر على صنع فعاليات أفضل.
  • صمم تجربة الحاضر. وهذه سأُفصلها بشكل أكثر ربما لاحقاً في تدوينة منفصلة.

المحتوى ليس قصراً للحضور وليس فقط من المتحدثين. عليك إنشاء محتوى حتى للمتطوعين، وذلك بإعداد قائمة الإرشادات وماتتوقع منهم إنجازه خلال الفعالية. واتفاقية ودية بينكما تحفظ حقوق الطرفين بدون أي استغلال.

والمحتوى الأهم لأغلب المنظمين، هو المحتوى الذي يجذب الحضور والداعمين من الرعاة. وهنا لتكون فعاليتك مختلفة عن مئات ملفات الفعاليات على مكتب الراعي، عليك أن تكيف customize المحتوى ليتناسب مع الراعي. فالعصر الذي تعرض عليه فقط ظهور شعاره في الإعلانات وفي مطبوعات الفعالية أمر قد ولّى عليه الزمن. شاركه رؤيته وأهدافه واصنع حدثاً مصمماً ومفصلاً لأن يكون هو الشريك المثالي لك.

عن الحضور:

في واقع الأمر، الفئة المستهدفة (الحضور) في مجتمعنا صعبة الإرضاء.ليكن في علمك أنك ستواجه الكثير من العراقيل، ولكن إرضائهم ليس بتلك الصعوبة أيضاً. عليك معرفتهم بشكل أكثر.

أعمارهم، تخصصاتهم، عاداتهم، أكلهم المفضل، موسيقاهم المفضلة، إهتماماتهم. كل تفصيل قد يفيدك بطريقة مختلفة لإرضائهم.

كن مستعد، فأحياناً قد تفاجئك مزاجيتهمقد تكون بسبب وقد تكون بدون سبب منطقيفعليك امتصاص غضبهم، وإصلاح الموقف.

الإنتظار في صف الدخول لفترة طويلة قد يسبب إهتياجاً كبيراً وبلبلة في الشبكات الإجتماعية. سوء معاملة المنظمين للحضور، عدم توفر دورات مياه،،، والكثير من المشاكل التي عليك أن تفكر بها مسبقاً قبل أن تقع. وضع الكثير من الحلول الإحتياطية لمشاكل قد تحدث، ضع كل الإحتمالات حتى لو كانت نسبتها ضئيلةإدارة الأزمات هنا مهمة. فهي إما تصلح الأمر أو تفسده. وكما هي مُهمة الفعالية، فحضورها أهم، فبدونهم الفعالية لاتكون.

الثقافة المحلية

الفعاليات لا زالت تعتبر جديدة على مجتمعنا، فمنذ وقت قريب لازالت الفعاليات العائلية أمر مستهجن ونادر الحدوث. ولكن الحمدالله، نحن في طريق التغيير. الرؤية الجديدة للوطن، وتفتح الجهات والهيئات الحكومية ساعد بإزدهار الصناعة. فبإمكان المنظم الحصول على دعم هذه الجهات للحصول على نتائج أفضل.

هذه بعض الجهات التي ستدعمك كمنظم من ناحية لوجستية: المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات، هيئة الترفيه، هيئة السياحة والآثار، وزارة الثقافة والإعلام، جمعية الثقافة والفنون، هيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة.

الكثير يسأل لماذا الفعاليات مهمة؟ وكيف ذلك سيساعد في إقتصاد الوطن؟ ولماذا نحتاج للترفيه؟

الأخ مهند الكدم أجاب ذلك بأفضل طريقة ممكنة

الموضوع بالنسبة لي، ليس إقتصادي بحت. ولكن هو جودة لحياة المواطن.

1 thought on “تنظيم الفعاليات 101

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *